غربة جواك.. دايرة الألم
هذا الألم الذي يعصف داخلك..
يسجنك في زفرات وأنين.. ولا تجد قدرة على البوح
ويظل رفيق غُربتك طوال طريقك في الحياة
فيه حاجات كده صعب تتشرح.. حاجات جوا أوي.. لما حد يسألك «مالك؟» وتبدأ تحاول تشرح..
تلاقي نفسك تهت هتقول له إيه بالظبط؟ إزاي هتحكي عن أحاسيس بتجرفك من غير ما تحس!
عن لخبطتك وتوهانك لما قلقك يزيد عن الحد..
ولا يمكن عن ضربات قلبك لما بتهز ضلوعك عشان شوية حنين وفقد..
هتقول لهم على خوفك اللي مش قادر تتحكم فيه.. بيوصلك لمرحلة فزع.. ويقيدك ماتعرفش تحكي..
هتحكي عن غضب ماليك مالوش حدود.. لو سبته يخرج ممكن بقوته تهد نفوس!
ولا الشعور بالإحباط لما بيمسكك في كل لحظة.. إحساس بخنقة.. إحساس بمافيش فايدة..
ولا هتقول لهم عن قد إيه مكسوف من نفسك.. عشان مش قادر تبص لها.. مش قادر تستحمل غلطاتها.. وقلة تفكيرها.. ووقوعها في نفس المتاهات.. وكأن عقلك مات..
ولا عن الحزن اللي ماليك عشان أرواح ماعادتش ليك.. أرواح ماعادتش موجودة حواليك.. في وحدتك تركتك.. ومارجعتش تلاقيك..
ولا يمكن عن الجروح.. اللي مالية قلبك ندوب.. عن وجع القلب.. عن خيانة المتوقع.. عن إهانات وإهمال مقصود..
تبص لسؤالهم ببساطته.. وتبص جواك وتتوه..
فبدل ما تجاوب.. تلاقيك من غير تفكير.. تطمنهم………. حبة ضغوط!
وترجع تاني جواك.. تعيش إعصارك من غير ما تشتاق ان ممكن في يوم.. شعور واحد من دول يتفهم ويتقدر.. هتعمل ايه مِ اللي جواك جواه..
ويفضل ألمك حاضر.. من غير ما تفكر..
أصل الأحاسيس ماتتحكيش.. الأحاسيس بس بتتحس!
الوحـدة
يظل القلب يتلفت يمينا وشمالا بحثًا عن هذا الذي يتفهم..
أو هذا الذي يحتوي ويتقبلك في أسوأ حالاتك..
فتجد نفسك وحيدًا وإن التف حولك كل الناس.. فغربة القلب ليست كغربة الجسد..
أن تحيا بين البشر.. بلا شعور بهم أو إحساس
صعب تحدد إمتى بالظبط بدأت تحس بالوحدة.. بس اللي انت مستوعبه إنها شعور جواك حقيقي كل مدى بيزيد.. وبيحسسك باغتراب.. بيحسسك بمعاني كتير بتوجع..
والغريبة انك مش لازم تبقى فعلا وحيد عشان تحس بالوحدة.. المرارة انك بيكون حواليك بشر كتير.. بتتكلم معاهم.. وبتقضي وقتك معاهم.. وممكن كمان بتشاركهم حياتك.. بس في نفس الوقت الشعور اللي دايمًا جواك مش قادر تنطقه.. أنا مش حاسس نفسي وسطهم.. أنا مش شايفني.. أنا مش لاقيني.. أنا تهت مني..
قليل أوي اللي فعلا عايش وحيد من غير بشر تماما.. وساعات كتير بتكون الوحدة الحقيقية أخف مرارة من الوحدة اللي جوانا بسبب الاغتراب..
يظل داخلك شعور واحد بألم لا يقف.. أنا لا أجد نفسي معهم.. أنا لا أراني.. أنا لا أجدني.. أشعر بضياع
أصل الإنسان منا بيستسلم لما يكون الوضع خارج إيده.. آه بيتوجع.. بس وجع الوحدة الحقيقية أخف كتيير من وجع وحدة الروح..
والرهيب إنك بتفضل بتحلم ان حد ممكن يحس بيك.. حد ممكن يطمنك.. حد ممكن يتلاقى معاك ويملا الفراغ الرهيب اللي جواك.. بس مش بتلاقي الشخص اللي يهتم بشكل كافي عشان يكسر أسوار وحدتك ويخطيها..
من كتر شعورك بيها.. بتصدقها.. فبتبدأ تعيشها.. بتبدأ تبعد.. لغاية ما توصل للحظة انت مش فاهم ولا مدرك.. هو انت اللي بعيد ولا هما اللي بعدوا؟ هو انت فعلا وحدك.. ولا هما اللي وحدهم؟
تلاقي الدنيا اتلخبطت في عينيك.. وأصبح إنه يكون لك صديق.. تحسه من جواك.. جسر صعب عبوره على روحك..
روحك خلاص.. اتعودت على الوحدة.. تجرعت مرارتها.. لغاية ما الحياة من غير وحدتك.. شكلها مرعب مش مفهوم..
المشكلة وانت حاسس بالوحدة.. بتحس انها جزء منك.. وان مهما بقيت وسط ناس هتفضل روحك بتدبل وانت مش قادر تساعدها.. ولا لاقي نفسك في إنسان واحد يحسسك بمعنى الامتلاء.. ممكن يبقى حواليك بشر كتير.. ممكن يبقى ليك أصحاب كتير.. ممكن تبقى في علاقة.. بتحب.. وبتتحب.. عندك أطفال.. عندك أهل.. وتحس بوحدة رهيبة مالياك..
وكأن الوحدة هي الصديق المؤلم الوحيد المُتبقي ليك.. بتفكرك دايمًا بخوفك في الحياة إنك تعيش وتموت لوحدك.. يجيلك أفكار زي يا ترى لو مت حد هيتأثر؟!
ما هو الوحدة مش بس صديقك المؤلم.. لا كمان بتفضل تبعدك عن البشر.. وكأنها صديق غيور رافض أنه يكون ليك في الوجود أي وجود..
ومن كتر ما بتحس بالوحدة بقيت غصب عنك بتستخبى أكتر وأكتر.. كأنك خايف ان حد يحس بوجع الحرمان من مُشاركتك حياتك مع شخص بيحسك ويفهمك.. فتبدأ تبني أسوارك.. تحبس نفسك بإيدك مع وحدتك.. ويصبح سجنك هو مصدر أمانك.. إنت خلاص واصل لمرحلة إنك مش عايز تخرج من قوقعتك.. إنت مرتاح كده.. فتبقى عايش في وسط الناس بتتعامل معاهم من جوا فُقاعة من صُنعك.. وأصبح ألمك يهيأ لك إن ده الطريق الوحيد للسلام الداخلي.. عقلك بيخليك تتخيل إنك بتحمي نفسك من إنك تعرضها تاني لشعور الوحدة..
وتستمر في بناء طبقة فوق طبقة تخبي بيها قلبك.. وتحمي بيها أحلامك..
بتخبي احتياجك للحُب.. احتياجك انك تشوف نفسك في عين اللي بتحبه.. وإنه يدي مساحة للي بتحسه وبتقوله..
بتخبي احتياجك للمُشاركة.. للاجتماع على شغف واحد.. للشعور بالاستمتاع.. والشعور بلذة التقارب وتلاقي الأفكار..
بتخبي احتياجك للأمان النفسي بحيث إنك لو اتكلمت تحس انك اتفهمت.. تحس انك مش بتمر على عدم التفهم والإحساس بكل اللي بتحاول تعبر عنه..
بطل اغترابك.. هو حزنك.. يملأك كلما افتقد أنس السكن.. وأنت يا مسكين تخشى الحزن فتلفظه!
لو ركزت جوا سجنك.. هتشوف الحزن اللي جوا قلبك مُنعكس في عينيك.. مرارتك مرسومة في ملامحك.. عايش بإحساس بيلف جواك مالوش علاقة بحقيقة حالك ووجودك في الكون..
الحزن هو بطل وجعك.. هو اللي بيملاك كل ما بتحس بوحدة.. وانت بتكره تحس بحزنك.. بتكره تمر بيه.. بتكره الضعف اللي فيه.. تَبطِيء حركتك وهو جواك.. بيخليك تكره تسمعه.. فبتقرر انك
تطنشه..
بس تطنيشه مش هيوديه في أي مكان.. بالعكس كل ما بتطنشه بيزيد أكتر جواك..
حزنك بيقول لك وقف شوية.. بيقول لك فكر شوية.. غير ترتيب حياتك بشكل يريح احتياجاتك.. بيكلمك عن اللي انت نفسك فيه ومش بتلاقيه..
حزنك هو صاحبك الحقيقي لو مجرد ما سمعته هيسيبك تعيشها صح.. فليه مصمم تصاحب الوحدة؟
ممكن نشوفها بشكل تاني؟
ليه مش راضي تشوف حلول تانية تونسك في اغترابك.. كتير بيكون مصدر ألمنا تصميمنا إننا نشوف الواقع بزاوية واحدة.. رغم ان كل حاجة ممكن تبص لها بزاويا كتير.. والشاطر اللي بيعرف يبص من زاوية تريحه هو في احتياجاته وفي حياته..
لما تحس ان مافيش حد فهمك.. ليه مابتحاولش انت تخليهم يفهموا؟.. مش لازم يتفهموا.. غير المعنى هنا.. كفاية انك وضحت اللي جواك فتبقى شلت نص السور اللي مانعك من اللي حواليك.. صدقني هيريحك كتير.. كفاية انك مش هتحتاج تبرر كل شوية تصرفاتك اللي فيها انعزال.. كفاية انك تقول لهم مش انا شرحت اني باحتاج اقعد لوحدي.. مرة في مرة هما بيتفهموا صدقني.. إنت بتكون مرنتهم على طباعك وشخصيتك.. ولو انت بتقعد لوحدك عشان فيه تصرف بيضايقك.. مهم إنك توضح ده.. لأنه بيكون نوع من أنواع التوعية ليهم بتصرفاتهم.. «أنا مش باحب الصوت العالي فمضطر أقوم لغاية ما تهدوا»..
غربتنا اختيار.. بعض الناس فقط يحتاج السماح بوجود الآخرين حولهم.. بالصورة التي يستطيعونها.. وليس بالصورة التي يريدها
هتفضل مشكلة عندنا إننا مش حاسين بأمان نفسي واحنا بنوضح.. ردود فعلهم بتضايقنا..
بس عارف اننا اللي بنضايق نفسنا بنفسنا؟.. سمحنا لردود فعلهم انها تأثر فينا.. هنا بينجح جدا إنك تحبس رد فعلهم في شكل شخصيتهم.. تبعده تماما عنك وعن تعبيرك عن نفسك.. يعني هما بيتصرفوا كده عشان دي شخصيتهم اللي ممكن تكون مش مناسبة مع شخصيتك انت..
لو حسيت انهم فاهمين حد تاني حواليهم والأمر مشخصن عليك.. مهم أوي إنك تفهم إن فيه ناس شخصياتهم بتتآلف عشان الطباع بتكون شبه بعض أو مفهومة.. وإن مش معنى اننا مختلفين عن اللي حوالينا إن ده هيمنعنا نتعايش.. هو مش مطلوب منك غير التوضيح.. ومش مطلوب منهم غير الاحترام..
ولو ردود فعلهم سلبية وبتوجعك أكتر.. متن قلبك بإنك عارف ان الأمر مش شخصي ليك.. الأمر كله ليه علاقة بيهم هما.. بطريقتهم هما.. فساعتها هتحس انك مرتاح عشان عملت اللي عليك.. وهتبقى شلت تلات ارباع الوجع من جواك.. لأن جزء كبير منك هيقدر يتواصل مع اللي حواليه بعد ما كسر تابو الصمت والانعزال دون توضيح..
كتير بتكون سبب وحدتنا إننا بنبحث عن المتشابه بس بينا وبين اللي حوالينا.. أو بنبحث عن التجانس والتآلف.. ناس تفهمنا وتحس بينا ونحس بيهم.. أكيد مافيش حد مابيحبش كده..
بس الإنسان لازم يتعامل مع ظروفه المتاحة بواقعية ويبدأ يشوف إيه الحلول اللي ممكن ينفذها تريح من اللي جواه.. لأن مش حل إننا نفضل ندور في المعاني المؤلمة ونسيب نفسنا تايهين جوانا..
الحل دايما بيكون في إيدينا.. نختار رؤية تخفف شوية من الوجع.. فتخلينا نتحمل.. وهو ده معنى الصبر.. إنك تطمن الألم بمعنى تقدر تستحمل تعيش بيه.
حاول تشوف في اللي حواليك الأمور اللي ممكن تجمعكم.. إيه اللي ممكن يكون مشترك؟ تقدر من خلاله تلاقي استمتاع مش لازم تلاقي فكري.. دي شطارتك انت انك تقدر تعرف كل واحد في دوايرك تقدر تتجمع معاه على إيه؟
ليس حلا أبدا أن نظل دائرين في المعاني المؤلمة تاركين أنفسنا لهذا التيه والتخبط
من أهم أسباب مشاكلنا إننا بنصمم نشوف دايرة واحدة تمدنا بكل اللي بنحتاجه من حب وأمان واستمتاع ومشاركة وتفهم وشعور إلخ… فبنصدم لما بنلاقي إنه صعب جدا..
عشان كده من أكتر أسباب راحتك الجوانية إنك تقدر تميز دوايرك وتستفها صح على اللي محتاجه وعايزه.. دايرة الصحاب مثلا.. هما مش كلهم أكيد دايرة واحدة.. فيه أقرب دايرة.. واللي أبعد شوية.. ودايرة المعارف.. ودايرة الزمالة.. ودايرة التلاقي الفكري.. ودايرة الهدف والشغف.. ودايرة الهوايات..
ماتعدش قد إيه دواير ممكن تطلع بيها من الناس اللي حواليك من أصحاب.. مش لازم يبقى عندي صديق واحد باعمل معاه كل ما سبق! لأن صعب تلاقي إنسان يقدم لك ده كله من ناحية.. ومن ناحية تانية إنت بتعرض نفسك لدايرة الألم أكتر وأكتر.. عندك صديق بيفهم أوي وأمين وبتعرف تحكي معاه؟ حلو هيكون في أقرب دايرة ليك.. وتجتمع معاه على الفضفضة..
يحميك من الاغتراب تعدد دوائرك.. لا تضع كل معاني الصداقة في دائرة واحدة
اللطيف إن ممكن كل صديق يبقى له سر معاه مختلف عن التاني.. الصديق ده بعرف أكلمه في عيوبي وبيساعدني أصلحها.. الصديق ده باكلمه عن مرض عندي هو الوحيد اللي بيتفهمه ويحس بيه.. الصديق ده باكلمه عن وجعي وألمي وبيحس بيا وبنقدر نقوم ببعض.. عددت الأصحاب.. وعددت المصادر اللي تقدر تلبي بيها اللي انت محتاجه.. ويا سلام لو رزقك جامد وكل حاجة انت محتاجها لقيت فيها أكتر من شخص كمان.. ساعتها هتبقى دايما عايش مرتاح لأن فيه
بديل..
الأهل مش لازم يكونوا مصدر كل حاجة برضو.. خففوا عليهم.. هما من زمن غير زمانكم.. فالفكر مختلف والطاقة مختلفة.. اللي عنده أهل متفهمين خير وبركة.. دي نعمة.. اللي أهله مش فاهمينه.. برضو هندور على العامل المشترك اللي ممكن نتناقش معاهم فيه ونقعد معاهم عليه.. ونبدأ ناخد الدعم.. المشاركة بشكل تاني من أماكن تانية..
فيه دايرة مهمة جدا بتشيل من على الأصدقاء أزمة انهم يسمعوا لك ويحلوا مشاكلك.. وهي دايرة اللجوء لمتخصص.. إما مدرب يساعدك تحقق أهدافك وإما معالج وطبيب نفسي.. غيروا بقى فكرة اننا بنروح بس عشان عندنا مشكلة.. الوقاية خير من العلاج.. خليك بتهتم بصحتك النفسية وبوضوح رؤيتك في الحياة وتصفية عقلك من الدواير المؤلمة لمنظور تقدر تعيش بيه.. خلي ده كله أولوية في حياتك ومافيش أحسن من المتخصصين يبقوا جنبك.. فيقللوا كتير من شعورك بالوحدة الجوانية..
مش هنقدر ننكر اننا بنحاول نقلل أوي دايرة الألم في مخالطة البشر… بكل اللي اتكلمنا فيه من تغيير المنظور.. لكن أهم حاجة انك ماتكونش كمان بتستوحش من نفسك!
كتيير مننا بيعلق غربته ووحدته على شماعة إن ليها علاقة بالناس.. والأكتر مش بيكون فاهم إن غربته ممكن تكون من جواه.. هو أصلا حاسس بوحشة رهيبة جوانية.. جواه خناقات وصراعات.. فقافل عليهم بالضبة والمفتاح ورافض انه يشوفها.. لأنه لو شافها بيتوجع أكتر وبيحس ان الدنيا قافلة في وشه.. فبيتعلم ياخد احتياجه مش من جواه.. لأ بياخده من الناس.. وبيعتمد عليه تماما من الناس..
كثيرا ما يكون سبب الاغتراب الحقيقي وحشتنا من أنفسنا.. نخشى الجلوس وحدنا حتى لا نلتقي بأصواتنا الداخلية
وكتيير بيكون عدم التصالح النفسي ده أصلا بسبب الغربة الجوانية.. إنت أصلا مش عارف تقعد مع نفسك هتعرف تقعد مع غيرك؟.. إنت مش فاهم نفسك طب هما هيفهموك ازاي؟ إنت بتيجي تعبر عن نفسك تلاقي نفسك تهت ومش عارف تصيغ اللي جواك.. عشان كده من أهم النقاط اللي تشتغل عليها عشان تخفف غربة الروح والوحدة إنك تصاحب نفسك.. عشان انت لو مصاحب نفسك هتستمتع بمشاركتها كل حاجة.. هتحس انك بتتملي لما تعملها حاجة بتحبها بداية من كوباية قهوة أو شاي لغاية اهتمامك بصحتك واستمتاعك بهواياتك وتحقيق شغفك.. كل تصرف لوحدك هيكون له طعم تاني.. وهيكون سبب إنك تتزن نفسيا فتعرف تخالط الناس وتتعامل معاهم وانت مش محتاج أوي لشحنهم ليك..
دايما نقول إننا لازم نكون مليانين من جوانا.. عشان نقدر نستقبل الشحن من برانا.. يعني لما ابقى عارف اشحن نفسي بنفسي ساعتها بس أقل تصرف من اللي حواليا هيملاني ويريحني..
لكن احنا بنسيب نفسنا لغاية ما نصفر العداد.. وكمان كأن الكيس اللي جوانا مخروم من كتر ما جيبنا القاع ومافيش أي شحن داخلي.. فنبدأ نبص حوالينا ونحس ان اللوم على الناس.. ونبدأ ننتظر الإنقاذ منهم ومش بناخد خطوة حقيقة من جوانا اننا نلم الصدع اللي حاصل فبيكبر.. المشكلة إن لو حتى حد عمل تصرف ما.. هيقع من الكيس.. أصله مخروم! مش بتحس بحلاوته.. بل بالعكس.. نضارة الألم بتخليك تحس انه فيه أفضل من كده.. وإنه مابذلش مجهود.. وإنه مش بيديك بالشكل اللي انت محتاجه.. تبدأ تشوف كل حاجة بس بنضارة
سلبية.
دايما يقول لك لو عايز تظبط أكلك بلاش تحرم نفسك تماما (الكيس المخروم).. لازم بديل صحي يشبع.. وكمان حاول تملا بطنك بالأفيد فالمفيد.. يعني سلطة ومياه.. وبعدين تبدأ تاكل.. لو بدأت بالأكل غالبا مش هتشبع وتبدأ تاكل.. ليه؟ عشان الأكل طعمه له لذة بتعلي الدوبامين الناقل العصبي المختص بالسعادة والرغبة في عقلك.. فبالتالي بيبدأ يطلب تاني.. وتاني.. لغاية ما بطنك تتملي ع الآخر فعشان زيادة الأكل هنا هتبدأ تبقى مؤلمة خلاص الدوبامين وقف.. فبطلت أكل.. فاللي هيحصل انك أكلت فوق طاقتك.. وغالبا مش بتحس انك شبعان بطنك بتوسع بضغط الأكل وبالوقت بتلاقي نفسك بتاكل كميات أكبر وأكبر.. مابتشبعش! ده غير انك هتبقى موجوع ومتألم من عوارض عدم الشبع من تخن وأمراض وكسل..
هي نفس الفكرة.. إحنا بنملا نفسنا بالأفيد اللي احنا فعلا محتاجينه.. وبعدين بنملاه بالمفيد.. لما نملا نفسنا بنفسنا.. لما بنصاحبها الأول.. بنقدر بعد كده اننا نتملي بغيرنا بالقدر اللي بيقدروا يقدموه وبنشبع.. وبنحس بالرضا.. وهنتكلم أكتر بالتفاصيل عن ازاي نصاحب نفسنا في آخر باب.. دايرة السلام..
طبعا أنت لازم تبقى متيقن اننا بنحاول نكسر دايرة الوحدة الجوانية.. بنحاول نصبر.. نحاول نوصل للرضا.. بس لازم تتقبل إن فيه جزء بسيط هيفضل من الغربة بتحس بيه.. كل ما يخيب ظنك.. كل
ما توقعك في حد يتخبط..
وخلي بالك.. إحساس الغربة لما بيزيد جواك.. بيدخلك في دايرة جديدة مؤلمة.. دايرة فقدان الرغبة في كل شيء.. دايرة «مش قادر».. دايرة الوحدة ودايرة مش قادر مرتبطين ببعض ومتداخلين.. والعامل المشترك هيكون الحزن.. فيلا نشوف دايرة «مش قادر»..
كمل قراية عشان تتعلم تحصن باقي أجزاء روحك ازاي.. لما بتعرف تظبط المعاني اللي بتؤلمك.. بتعرف تعيش مرتاح أكتر.. ولو عندك ابتلاءات الدنيا.. بتعيشها صابر.. عشان عرفت تطمن نفسك من جواها بمعاني تريحك.. السعادة بتكون من جوانا..